تشجيع الأطفال على القراءة

 

تشجيع الأطفال على القراءة

” كلما اشتريت له كتابًا، تركه جانبًا” ، ” كيف نجعل القراءة عادة ؟” وغيرها من العبارات التي نسمعها كثيرًا من أمهات وآباء يسعون بصدق لجعل القراءة عادة دائمة موجودة ومحفوظة في نفوس أطفالهم.

تشجيع الأطفال على القراءة لا يبدأ بكتاب يُوضع بين أيديهم، بل بحكاية تُروى، قدوة تُرى، ومشاعر تُزرع في كل لحظة نشاركهم فيها هذا العالم الساحر. نأخذك الآن في رحلة عملية نجيب فيها عن أسئلة كثيرًا ما تشغل تفكيرك بدءًا من تشجيع طفلك على القراءة، كيفية اختيارك للكتب المناسبة لطفلك، طرق ممتعة ومبتكرة لجذب طفلك للقراءة، انتهاءًا بأهم الأخطاء التي نقع فيها خلال هذه الرحلة.

كيف أشجع طفلي على القراءة؟

تساؤل يتبادر بشكل كبير علي ألسنتنا كأمهات وآباء للأطفال ” كيف أشجع طفلي على القراءة أكثر؟ ” أو ” طفلي لا يحب الكتب… ماذا أفعل؟”

هواية حب القراءة للأطفال لا تظهر منذ الولادة بل تنمية حب القراءة كالزرع نبدأ بغرسه في أبنائنا برفق ويُروي بالصبر والقدوة. بداية كل ما هو مفيد وجميل دائمًا ما تكون المنزل، حين يراك طفلك تُمسك بالكتاب كعادة يومية لك بجانب تخصيص وقت للقراءة سيبدأ دون أن يشعر بالانجذاب إلى هذا العالم الهادئ من تلقاء نفسه.

أبدأ بتقديم له كتب مناسبة لسنه واهتماماته فتكون ملونة، مليئة بالصور والشخصيات المرحة، كما لو أنك تقدم له لعبة أو هدية جميلة. فتصبح القراءة طقس أساسي من طقوس الطفل المشتركة بينك وبينه، متحمس لها وينتظر وقتها.

” كيف اختار الكتاب المناسب لابني؟” بعد فهم أهمية تشجيع الأطفال على القراءة نبدأ معك الآن رحلة البحث الممتعة والمهمة.

كيف تختار الكتاب المناسب لطفلك؟

لا يعتمد اختيارك للكتب المناسبة فقط على عمر الطفل وسنه، وإنما من الضروري الأهتمام بفهم شخصيته واهتماماته وحتى مستوى فهمه. لكل طفل في العالم عالمه الخاص، وبالتالي ما يثير حماس طفل قد يبدو مملًا لطفل آخر.

من الخطوات الأولى هي المراقبة، لا التدخل أو لفت الإنتباه لذلك وانما التركيز فيما يحبه طفلك ويفضله عن الباقي. على سبيل المثال، هل هو محب للحيوانات؟ إذًا القصص التي تدور أحداثها في الغابة وتتكون شخصياتها من حيوانات ستكون خيارًا رائعًا له.

في حالة أن كان طفلك مازال صغيرًا يفضل اختيار كتب ذات لغة بسيطة وسهلة الفهم تحتوي على صور جذابة وألوان مبهجة تجذب انتباهه وتزيد من شغفه لها خاصةً في المراحل المبكرة. مع الاهتمام باختيارك لقصص ذات مواقف مماثلة لحياته أو تعكس تجارب مر بها أو ترغبي في تهيئته لكيفية التعامل الصحيح في حال أن تعرض لها، مما يعطيه فرصة ليفهم نفسه والآخرين. لا تخافي من تجربة أنواع مختلفة: القصص الخيالية، القصص الواقعية، كتب الأنشطة، وحتى المجلات المصورة. التنوع يثري عقل الطفل ويكسر الملل.

من معايير اختيار قصص الاطفال هو أن يكون حجم الخط مناسبًا له وعدد الكلمات في الصفحة لا يفوق طاقته على التركيز فيبدأ في الملل أو إيجاد صعوبة في الفهم بسبب صرف الكثير من الطاقة في الصفحة ذاتها. فاحرص على أن يكون الكتاب وسيلة للمرح والحوار والخيال وليس للتعلم فقط.

من وسائل تحفيز الأطفال على القراءة زيارتك للمكتبة أو معارض الكتاب مع طفلك فتبدأ في تكوين علاقة مباشرة بينه وبين الكتب، وقد يقع في حب غلاف معين أو عنوان يشده. هذا الشعور بالاكتشاف يمنحه ثقة وحماسة والإستقلالية.

متى ما تختار لطفلك الكتاب المناسب والمفضل له وبدأ ينسجم مع عالم القصص، تأتي اللحظة الأهم كيف أجعل القراءة عادة يومية دون إهمالها أو الملل منها؟

5 طرق مبتكرة لجعل القراءة عادة يومية لطفلك

ولأن حُب القراءة لا يكفي وحده، بل هي رحلة تحتاج لاستمرارية وبيئة مشجعة دائمًا ما تُذكر الطفل كل يوم بأن الكتاب صديق لا يُمل منه، إليك الآن 5 طرق مفيدة ومبتكرة تساعدك على الحفاظ على عادة القراءة لطفلك دون إهمالها:

ربط القراءة بروتين يومي محبوب

حافظ على أن يكون وقت القراءة وقت مخصص ودائم كأن تكون بعد الإفطار، أو قبل النوم، أو حتى بعد اللعب. مع الحرص على أن يكون طفلك في هذا الوقت يشعر بالراحة لا التعب أو الإرهاق.

خصص زاوية قراءة سحرية في المنزل

حاول تخصيص ركن مميز في المنزل أو غرفة الطفل وتحويله لأن يكون عالمه الخاص بالكتب من خلال تحضير أرفف صغيرة وقصيرة في متناوله، وسادة كبيرة ومريحة، مع إضاءة هادئة ودافئة. هذا الركن سيصبح ملاذه وطقسه اليومي لتشجيعه على القراءة.

اصنع تحديات قراءة ممتعة ومكافآت بسيطة

إذا كان طفلك يحب التحديات والشعور الفوز والمنافسة اصنعي جدول تحدٍ صغير: “اقرأ 5 قصص هذا الأسبوع” وهكذا مما يُحمسه ويسعده مع الحرص على ألا يتحول الأمر لفرض عليه فيتحول إلى نتيجة عكسية تُشعرة بالإلزام أو الضغط. ضع نجمة أو ملصق محبب يختاره بنفسه، ومع عدد معين من الملصقات يحصل على مكافأة بسيطة.

استخدم القصص في المواقف اليومية

في حال أن تشاجر طفلك مع صديقه، خاف من شيئًا ما أو غضب من موقف تعرض له، حاول استخدام أسلوب القصص والحكايات على أن يكون مرتبط بالموقف الذي مر به ليشعر بأن الكتاب يفهمه ويواسيه. ستصبح القراءة بالنسبة له مصدرًا للطمأنينة وإيجاد الحلول لمشاكله، لا مجرد هواية.

القراءة بشكل تفاعلي و أصوات مميزة

عند قراءتك للقصة حاول قراءتها وشرحها بأسلوب مسرحي مشوق وممتع بأصوات الشخصيات وتعابير الوجه تجعل وقت قراءة القصة وكأنها عرض مسرحي أو كرتوني ممتع من خلال إضافتك للدمى وجعل الطفل يشارك في التمثيل أو إكمال الجمل، ليشعر أن القصة حيّة بفضله.

إذا كانت خطوة اختيارك لكتاب مناسب هي خطوة حاسمة في غرس حب القراءة لطفلك، فهناك أيضًا ما لا يقل اهمية عنه وهي الانتباه للأخطاء التي قد نقع فيها دون قصد وتدفع أطفالنا بعيدًا عن الكتب.

أخطاء شائعة تبعد طفلك عن القراءة

عندما نقوم بحث أطفالنا على القراءة قد يتبادر الأمر منا بشكل متكرر معتقدين أننا بذلك نشجعه. لكن الحقيقة كما ذكرنا أعلاه أن الإلحاح الزائد قد يزرع شعورًا داخل طفلك أن القراءة واجب ثقيل ملزم به لا متعة لها، بل ويبدأ في القراءة لمجرد الإنتهاء منها فقط.

من الأخطاء الشائعة أيضًا التي قد لا نركز فيها عند تشجيع الأطفال على القراءة مقارنة الطفل بغيره وأن صديقه قد قرأ أكثر منه، أو أن أخاه يقرأ كثيرًا وهو لا. قد نظن أنه بذلك نقوم بتحفيز الأطفال على القراءة ولكن في واقع الأمر هي تضعف من ثقته وتنفره من القراءة بشكل أكبر.

قد تجد نفسك دائم الإلحاح على طفلك بأن يقرأ كتابٍ ما أو نوع معين من الكتب لغايتك بأن يدرسها أو يتعلمها دون النظر لميول الطفل. فحين نجبره على قراءة ما نحب نحن، لا ما يستهويه هو، فإننا نغلق الباب أمام شغفه الداخلي. هذا التوازن مهم جدًا، خاصة مع اقتراب الأطفال من سن المراهقة، كونها مرحلة تتطلب منا فهم وتقبل لميولهم وشخصياتهم بشكل أكبر، ويمكنك فهم كيفية التعامل مع هذه المرحلة بشكل أعمق من خلال القراءة عن تحديات مرحلة المراهقة توكيفية تقديم الدعم لهم دون إحساسهم بالتدخل أو التحكم في عالمهم الخاص.

تجاهلك أيضًا لأن يكون وقت القراءة بالمشاركة معك وأن يجس الطفل فيه وحيدًا دون حوار أو نقاش عن أحداث الكتاب وعن ما تعلمه الطفل من الكتاب يُفقد الكتاب جزءًا كبيرًا من قيمته التفاعلية.

بالمختصر، إذا أردنا أن نُحبّب أطفالنا في الكتب، علينا التعامل مع القراءة كهدية، لا كواجب، مع الحرص على تجنب هذه الأخطاء التي، وإن بدت صغيرة بالنسبة لنا، قد تصنع حاجزًا نفسيًا بينهم وبين أجمل عادة يمكن أن ترافقهم مدى الحياة.

 

تصفح اخر المقالات

اداب التعامل للاطفال

اداب التعامل للاطفال

هل تمنيت يومًا أن ترى طفلك محبوبًا بين أقرانه، يُحسن التصرف مع الآخرين؟ الأمر لا يحدث صدفة، بل نتيجة وثمرة تربية ووعي ومتابعة مستمرة تبدأ

اقرا المزيد »
أنشطة رمضان للأطفال

أنشطة رمضان للأطفال

شهر رمضان ليس فقط شهر الصيام والعبادة، بل فرصة ذهبية لتعليم صغارك كل ما تحتاجه من قيم والتقرب إلى الله بأسلوب ممتع ومحفّز. فيمكنك بكل

اقرا المزيد »
تشجيع الأطفال على القراءة