السيرة النبوية مختصرة للأطفال

السيرة النبوية مختصرة للأطفال

السيرة النبوية هي منبعنا الصافي الذي نستمد منه قيمنا وأخلاقنا، فهي حياة خاتم الأنبياء محمد، الذي بعثه الله رحمة للعالمين. تحمل السيرة بين طياتها دروسًا عظيمة في الصبر والحكمة لنا ولأبنائنا، وكيفية التعامل مع مختلف ظروف الحياة والتحديات التي واجهها النبي في دعوته للإسلام لتكون إلهام لسُبل الهداية والفلاح في حياتنا، في هذا المقال نُسلط الضوء على السيرة النبوية مختصرة للأطفال بدءًا من ولادته مرورًا بالدعوة في مكة والمدينة، حتى بناء الدولة الإسلامية.

السيرة النبوية مختصرة للأطفال

نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أكمل خلق الله -عز وجل- الذي تجمعت به كل صفات الرحمة والكمال وأفضل من عبد ربه، فمن واجبنا كأمته التمعن ودراسة سيرته النبوية العطرة، وأخذ قصص أنبياء للأطفال مرجعًا لهم لتكون سلوكًا ونهجًا نتبعه في حياتنا لضمان جيل واعِ ومثقف بدينه ونبيه الطاهر ويكون قدوة له في كل خطوة و موقف في حياته.

والآن نبدأ في السيرة النبوية مختصرة للأطفال.

نسب النبي عليه الصلاة والسلام

نسب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هو أشرف وأكرم الأنساب، وقد اصطفاه الله من أفضل البيوت العربية نسبًا وشرفًا.

النسب الشريف:

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

وللتوضيح بشكل أكبر فإن “عدنان” هو من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وهو النبي الذي دعا الله بأن يبعث في ذريته رسولًا منهم.

وبهذا النسب الشريف يُظهر لنا النبي الكريم مكانته الرفيعة في قومه، وهو ما كان من عوامل تهيئة الله له لحمل رسالة الإسلام إلى البشرية كاملة.

ولادته وطفولته عليه الصلاة والسلام

ولد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام عام 570 ميلادي، في مكة المكرمة، وهو ما يُعرف ” بعام الفيل ” في يوم الأثنين المرجح بأن يكون بتاريخ 12 ربيع الأول، وهو اليوم الذي أضاءت فيه الدنيا بميلاد خير البشر.

توفي والده ” عبد الله بن عبد المطلب ” قبل ولادته، فنشأ يتيم الأب تحت رعاية أمه ” آمنة بنت وهب “، وبعد ولادته، أرضعته جارية عمه ” أبو لهب ” لفترة قصيرة، ثم كُفلت برضاعته ” حليمة السعدية ” من بني سعد، وعاش النبي -صلى الله عليه وسلم- في ديار ” بني سعد ” حتى ما يقارب سن الرابعة، حيث اشتهرت هذه البيئة بالصفاء واللغة العربية الفصيحة.

في سن السادسة، فقد النبي -صلى الله عليه وسلم- أمه ” آمنة بنت وهب ” أثناء عودتهما من زيارة أخواله في المدينة. توفيت في منطقة الأبواء، بين مكة والمدينة، ليعود النبي يتيم الأم كما كان يتيم الأب، وبعدها كفله جده ” عبدالمطلب ” الذي أحاطه بحب ورعاية خاصة؛ وعندما توفي ” عبد المطلب “، تولى عمه ” أبو طالب ” رعايته، وكان له دور كبير في حماية النبي ودعمه حتى أن توفي.

طفولة النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت مليئة بالتجارب التي شكلت شخصيته العظيمة والتي مازلنا نتأثر ونتعجب من تفاصيلها، وغرست فيه صفات الصبر، والاعتماد على النفس، والتوكل على الله وأهمها ” حادثة شق الصدر “.

وقعت حادثة شق الصدر أثناء وجوده عند مُرضعته ” حليمة السعدية” ، حيث جاءه الملكان جبريل وميكائيل، وشقا صدره وأخرجا منه ما يُعرف بأنه ” حظ الشيطان “، ثم غسلاه بماء زمزم وأعاداه كما كان.

اقرأ أيضا عن: سنن عيد الفطر للأطفال.

شبابه عليه الصلاة والسلام

نشأ نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- شابًا كريم الخصال، ودائمًا ما كان مشهودًا له بالأمانة والصدق، وهو ما أكسبه احترام قريش وثقتهم قبل بعثته وسُمي ” بالصادق الأمين “؛ وتميزت فترة شبابه بعدد من الأحداث التي أظهرت نبوغه الأخلاقي وحكمته.

أبرز هذه الأحداث كانت عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- في صغره وشبابه برعي الأغنام في مكة، كما فعل كثير من الأنبياء من قبله، فكانت هذه المهنة درسًا في الصبر والتأمل والرفق.

 ومن أقواله -صلى الله عليه وسلم- :

” ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم “ (رواه البخاري).

بعد ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- العمل في التجارة، حيث كان يرافق عمه أبو طالب في رحلات تجارية إلى الشام، ومن ثم تولى التجارة لحساب السيدة ” خديجة بنت خويلد “، وأدار تجارتها بمهارة عالية، محققًا لها أرباحًا كبيرة.

بلغ النبي سن الخامسة والعشرين، تزوج السيدة ” خديجة بنت خويلد “، وهي من أشراف قريش و أغنيائهم، وقد أُعجبت بأمانة النبي وأخلاقه الكريمة فكان زواجهما مثالًا للتفاهم والمحبة.

عُرف النبي طوال شبابه وسنين حياته بإصلاح ذات البين وحكمته في النزاعات، حيث شارك النبي -صلى الله عليه وسلم- في حل نزاع كبير بين قبائل قريش حول إعادة ما يسمى بـ ” الحجر الأسود “ إلى الكعبة بعد ترميمها، وقد اقترح أن يوضع الحجر في ثوب، وكل قبيلة تمسك بطرف منه لرفعه، ثم تولى هو بنفسه وضع الحجر في مكانه؛ أظهر هذا الموقف حكمته وعدالته، مما زاد احترام قوم قريش له.

كان محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- شابًا متميزًا عن أقرانه بسمو أخلاقه، فلم يشارك في لهوهم أو عاداتهم السيئة، وكان معروفًا بالحياء، والعفة، وحب الخير للجميع.

فيقول الله تعالى عنه:

“وإنك لعلى خلق عظيم “ (سورة القلم).

فيمكننا القول أن مرحلة الشباب قد شكلت بنية أساسية ومتينة للنبي -صلى الله عليه وسلم- ليكون أهلًا لحمل رسالة الإسلام فيما بعد، حيث جمع بين الأخلاق السامية والصفات القيادية، وكان نموذجًا للإنسان المثالي.

بداية الوحي

كانت بداية الوحي والدعوة في مكة نقطة تحول في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي تاريخ البشرية بأكملها، حيث أُنزل عليه الوحي ليبدأ في حمل رسالة الإسلام ودعوة الناس إلى عبادة الله وحده.

فبدأ الأمر عندما كان النبي يتعبد في غار حراء في جبل النور، بينما اعتاد الخلوة والتأمل في خلق الله، متجنبًا الشرك وعادات قريش في الجاهلية، وعند بلوغه سن الأربعين، جاءه الوحي لأول مرة في غار حراء عن طريق جبريل عليه السلام. قال له جبريل:

“اقرأ”فقال النبي:

“ما أنا بقارئ”.

ثم كرر سيدنا جبريل الأمر ثلاث مرات قبل أن يقرأ النبي الآيات الأولى من سورة العلق:

“اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم” (سورة العلق).

عاد بعدها النبي إلى بيته خائفًا مما حدث، هدأته السيدة خديجة وطمأنته بكلماتها الحكيمة، وذهبت به إلى ” ورقة بن نوفل ” وهو ابن عمها، وكان عالمًا بالكتب السماوية، فأخبره أن ما رآه هو الناموس الذي نزل على موسى عليه السلام، وأنه مبعوث من الله.

الدعوة في مكة

بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- دعوته سرًا والتي استمرت لثلاث سنوات، حفاظًا على أتباعه من اضطهاد قريش. دعا المقربين منه، ومن أوائل من أسلم:

  • السيدة خديجة بنت خويلد.
  • أبو بكر الصديق.
  • علي بن أبي طالب.
  • زيد بن حارثة.

فكانوا دائمًا ما يجتمعون سرًا في دار ” الأرقم بن أبي الأرقم “، وهو أول مركز للدعوة النبوية.

وبعد ثلاث سنوات، أُمر النبي بالجهر بالدعوة، واجهت قريش دعوته بالرفض والعداء الشديد، واستخدمت أساليب متنوعة لإيقافها، مثل:

  • السخرية والإيذاء.
  • التعذيب.
  • الحصار والمقاطعة.

ولكن كما أعتدنا على أرقى الصفات من نبينا -عليه الصلاة والسلام- و بالرغم من كل ما تعرض له، ظل النبي صابرًا ومثابرًا غير مستسلمًا، داعيًا قومه بالحكمة والموعظة الحسنة، ولذلك أسلم عدد من الرجال والنساء من مختلف القبائل والطبقات، ووصلت الدعوة إلى خارج مكة، مما مهّد لنشر الإسلام في المدينة المنورة لاحقًا، وثبت الله -عز وجل- قلب النبي والمسلمين، لتُصبح مكة هي البداية التي انطلقت منها رسالة نبينا والإسلام للعالم أجمع.

الهجرة النبوية

كانت الهجرة النبوية حدثًا تاريخيًا فارقًا في تاريخ الإسلام، حيث انتقل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لتأسيس أول مجتمع إسلامي بعيدًا عن اضطهاد المشركين وظلمهم.

فبعد سنوات من الدعوة في مكة، ازدادت معاناة النبي وأصحابه من تعذيب قريش ومكائدها، وكانت مكة بيئة غير مهيأة لنشر الإسلام بسبب عداء قريش، بينما أبدت قبائل يثرب (المدينة المنورة) استعدادًا لنُصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعوة الإسلام، وكان ذلك عندما التقى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدد من رجال ” الأوس والخزرج ” وهم أحد قبائل المدينة المنورة خلال موسم الحج، وأسلموا وبايعوه في بيعة تُسمي بـ “العقبة الأولى والثانية” وتعهدوا بحمايته ونصرته إذا هاجر إليهم في المدينة المنورة.

وبذلك أذن الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة إلي المدينة بعد أن اشتد أذى قريش في مكة، وقد خططت قريش في هذه الأثناء لقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن الله أنجاه منهم، وخرج مع ” أبي بكر الصديق” ليلًا، واختبأ معه في غار ” ثور ” لمدة ثلاثة أيام لتضليل المشركين.

في المدينة المنورة

وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قباء، أول منطقة خارج المدينة، وأقام بها بضعة أيام. بنى أول مسجد في الإسلام، وهو ” مسجد قباء “، ثم دخل النبي المدينة المنورة بسلام وسط استقبال حافل من أهلها الذين رددوا النشيد المعروف:

“طلع البدر علينا من ثنيات الوداع”.

فكان أول عمل للنبي -صلى الله عليه وسلم- بعد دخوله للمدينة المنورة هو بناء ” المسجد النبوي الشريف “، ليكون مركزًا للعبادة والاجتماعات وإدارة شؤون المسلمين، وقام نبينا الكريم ذو الأخلاق الفضيلة بإقامة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار أي القادمين معه من مكة وأهل المدينة المنورة للحث علي الإيمان والتعاون بين كامل المسلمين كونهم جميعًا إخوة في الدين الإسلام.

وكتب النبي -صلى الله عليه وسلم- وثيقة تنظيمية تُعرف بـ” صحيفة المدينة “، لتنظيم العلاقات بين المسلمين واليهود وغيرهم، وضمان التعايش السلمي بين جميع أهل المدينة المنورة.

وبذلك، أصبحت المدينة المنورة أول عاصمة للدولة الإسلامية، حيث بدأ النبي تنظيم شؤون المجتمع، كالقضاء، وجمع الزكاة، وإعداد الجيش للدفاع عن الدين الإسلام؛ فكان للهجة أثر كبير علي ديينا الإسلام وبداية جديدة للإسلام كدين ودولة، حيث انتقل المسلمون من الضعف والاضطهاد داخل مكة إلى القوة والتنظيم، وأصبحت المدينة قاعدة انطلقت منها الدعوة الإسلامية إلى العالم كله حتى يومنا هذا.

وفي ختام السيرة النبوية مختصرة للأطفال ما من قول أفضل من قول النبي صلى الله عليه وسلم:

“المهاجر من هجر ما نهى الله عنه” (رواه البخاري).

تصفح اخر المقالات

أنشطة رمضان للأطفال

أنشطة رمضان للأطفال

شهر رمضان ليس فقط شهر الصيام والعبادة، بل فرصة ذهبية لتعليم صغارك كل ما تحتاجه من قيم والتقرب إلى الله بأسلوب ممتع ومحفّز. فيمكنك بكل

اقرا المزيد »
التنمر الإلكتروني

التنمر الإلكتروني

هل سبق لك أن تلقيت تعليقًا جارحًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ أو ربما سمعت عن شخص تعرض لحملة سخرية أو تهديدات عبر الإنترنت؟ هذه ليست

اقرا المزيد »
السيرة النبوية مختصرة للأطفال