المدرسة هي البيت الثاني لأطفالنا، وكما نسعى لتوفير بيت دافئ ومتفاهم لنشأة الطفل بشكل سوي وسليم، فعلينا ضمان توفير بيئة مدرسية آمنة وداعمة لأطفالنا، ويبدأ هذا من خلال وعينا بالمشاكل التي قد يتعرض لها أطفالنا في المدرسة والمجتمع المحيط به، في هذا المقال نستعرض لك أهم تلك المشاكل الناتجة عن التنمر المدرسي للاطفال من خلال توضيح كل ما يتعلق بالتنمر المدرسي، وأسبابه، وآثاره التي قد تنتج من تعرضهم له، ومن هم أكثر الفئات المُعرضة للتنمر.
ما هو التنمر المدرسي للاطفال؟
يمكننا تعريف التنمر المدرسي بأنه سلوك عدواني مُتعمد ويتم بشكل دوري ومستمر بين الطلاب سواء داخل المدرسة أو في محيطها، وغالبًا ما يكون بهدف إيذاء الطالب بشكل جسدي أو نفسي.
تُعد ظاهرة التنمر عند الاطفال في المدارس بكامل أنواعها من أهم المشاكل التي يتعرض لها الطلاب خاصة في مراحل سنية معينة وأكثرها أواخر مرحلة الطفولة وبداية المراهقة؛ لذلك يُعد فهمنا لهذه الظاهرة ووعينا التام بها من خطورة وأثار ناتجة عنها أحد أهم الطرق لوقاية أطفالنا وتأمين بيئة سليمة وصحية لهم.
ما هي أسباب التنمر المدرسي للاطفال؟
قد نتعجب أحيانًا ونتسأل رغم صغر سنهم ما هو التنمر عند الاطفال ولماذا يتنمر الطلاب على بعضهم في المدرسة؟
للأسف يوجد العديد من الأسباب والدوافع التي يلجأ فيها الأطفال والطلاب لاستخدام وسيلة التنمر على زملائهم في المدرسة، وأبرز هذه الأسباب قد يكون:
- دافع الشُهرة وشعور الطالب بقدرته على السيطرة على الآخرين واكتساب قوة ظاهرية، وذلك قد ينتج عن أسلوب خاطئ في التربية من الأهل وعدم حصول الطفل على الأهتمام الكافي منهم وإهمال مشاعره أو تضييق الخناق عليه مما يسعي إلي الشعور بقوته وسيطرته من خلال اللجوء للتنمر.
- غالبًا ما يكون التنمر بسبب الفوارق في القوة أو السيطرة، مثل تفوق الطالب المتنمر من حيث القوة البدنية أو الشعبية أو غيرها من المزايا التي يستخدمها للتأثير السلبي على الآخرين.
- قد يشعر الطالب بالغيرة من زميله، وبالتالي قد يلجأ لاستخدام أسلوب التنمر بهدف التقليل منه والشعور بالرضا عن نفسه.
- الفروق الطبقية تُعد من أهم الأسباب أيضًا، فمن خلال انتماء الطفل أو الطالب إلى طبقة اجتماعية أو ثقافية معينة قد تؤدي إلي احتقاره من هم أقل منه والإساءة إليهم، بالإضافة للاختلافات العرقية والثقافية أو الدينية.
- أحيانا تؤدي التربية الخاطئة من الأهل أو الأخوات مثل التعرض للعنف الأسري أو التنمر عليه من قبل أخواته قد يؤدي إلى شعوره بتفريغ طاقة الغضب التي تكمن بداخله ويتم ذلك من خلال لجوئه للطريقة التي يعرفها ألا وهي التنمر علي الأخرين.
من هم الأطفال الأكثر عرضة للتنمر المدرسي؟
أي طالب في المدرسة هو عُرضة للتنمر من قبل أحد زملائه، وعادةً أولئك الذين يظهرون بعض الخصائص أو الظروف التي تجعلهم مختلفين عن زملائهم، مما قد يجعلهم هدفًا سهلاً للمتنمرين، فمن بين الفئات التي تكون أكثر عرضة للتنمر:
- الأطفال الذين يعانون من اختلافات جسدية، كالذين يعانون من زيادة أو نقصان في الوزن أو لديهم مشاكل صحية.
- الأطفال ذوي القدرات المختلفة، كالإعاقات الجسدية أو العقلية أو من يواجهون صعوبات في التعلم، بالتالي قد يُنظر إليهم بشكل مختلف من قبل زملائهم.
- قد يكون الأطفال الخجولين أو الانطوائيين الذين يميلون للهدوء والخجل ولا يشاركون كثيرًا في الأنشطة عرضة للتنمر، حيث يظهرون كأهداف ضعيفة للمتنمرين.
- لا سيما أن الأطفال المتفوقين أو الموهوبين مُعرضين للتنمر أيضًا بسبب شعورهم بالغيرة أو الرغبة في فرض السيطرة وشعورهم بالرضا عن أنفسهم وأنهم ليسوا أقل منهم.
- الأطفال من خلفيات ثقافية أو عرقية مختلفة، خاصةً في حالة إذا كانوا يشكلون أقلية في المدرسة والمجتمع المدرسي.
- الأطفال الذين يعانون من ظروف اجتماعية صعبة، مثل مواجهتهم لتحديات الطلاق بين الأبوين، فقدان أحد الوالدين، أو الحالة المادية السيئة.
آثار التنمر المدرسي للاطفال
قد تُقلق انتشار ظاهرة التنمر المدرسي للاطفال الكثير منا، وبالفعل كونها أحد أخطر السلوكيات والمشاكل التي يواجهها الأطفال والطلاب في المدارس كونها أحد البيئات الأساسية التي ينشئ بها ويقضي بها أكثر أوقاته بل ويكون علاقات اجتماعية منها مثل الصداقة وغيرها، فتعرضه للتنمر قد يؤثر بالسلب على تكوينه و صحته النفسية والبدنية.
- قد يؤدي التنمر اللفظي عند الاطفال مثل تعرضه للألفاظ الجارحة، أو التعرض لتهديد، أو الإهانة وإطلاق الألقاب السيئة عليه إلي ضعف ثقة الطفل بنفسه وقدرته على التفاعل مع الآخرين، وبالتالي التوتر الدائم في التجمعات وتفضيله للعُزلة.
- غالبًا ما يفقد الأطفال التركيز في الدراسة بسبب الخوف والضغوط النفسية المستمرة، مما يؤدي إلى تراجع مستواهم الأكاديمي وانخفاض حماسهم للتعلم أو الذهاب إلى المدرسة.
- زيادة احتمال السلوكيات العدوانية للطفل، فتعرض الطفل للتنمر قد يؤدي إلي لجوئه لسلوك عدواني كردة فعل على ما يتعرض له، وقد يقوم بتقليد سلوكيات المتنمرين لحماية نفسه.
- كثرة التعرض للتنمر قد يؤثر بالفعل على سلامة الطفل وصحته، مثل الصداع وآلام المعدة واضطرابات النوم، وهي مشكلات ناتجة عن التوتر النفسي المستمر.
كيف أحمي ابني من التنمر المدرسي؟
حماية أطفالنا من ظاهرة التنمر المدرسي للاطفال هي مسؤوليتنا كوالدين للطفل، كونها تتطلب وعيًا وتعاونًا بين الأسرة في المنزل والمجتمع الخارجي الذي ينشأ فيه ويتعامل معه.
كلما زاد دعمنا لأطفالنا وتوعيتهم لكيفية تعاملهم مع المواقف الصعبة بثقة وحكمة، زادت فرصهم في النمو في بيئة آمنة وصحية تعزز شخصياتهم القوية والمستقلة.
بناء الثقة بالنفس للطفل
تمتع الأطفال لثقة عالية بالنفس تعني قلة تأثرهم بما قد يسببه لهم ظواهر سلبية سواء التنمر المدرسي أو غيره مما قد يواجهونه في يومهم الطبيعي بعيدًا عن المنزل.
يأتي ذلك من خلال:
- تعزيز مواهب الطفل وتشجيعه على تطويرها.
- توفيرك لبيئة أسرية داعمة مليئة بالحب والتقدير في المنزل.
- تعليمه التعبير عن رأيه والدفاع عن نفسه بأسلوب هادئ وواثق.
تعزيز التواصل مع الطفل
من أفضل المحاولات التي يمكنك التصدي بها أمام ظاهرة التنمر المدرسي للاطفال هي تواصلك الدائم مع طفلك وتكوين رابط وعلاقة قوية معه.
كلما كان التواصل بينك وبين طفلك قويًا، زادت فرصتك في اكتشاف أي مشكلة يواجهها في وقت مبكر دون فوات الأوان، لذلك حاول:
- تخصيص وقت ثابت في اليوم للحديث مع طفلك عن يومه الدراسي.
- شجعه على مشاركة مشكلاته دون خوف من اللوم أو العقاب.
- الإستماع إليه بإنصات وأظهر تعاطفك مع مشاعره وإهتمامك بما يقول أو يشعر به.
تعليم الطفل كيفية التعامل مع التنمر
عند تربية الطفل، علينا أيضًا الحرص على إدراكه التام ووعيه بوجود بعض المشكلات والظواهر التي قد يتعرض لها في حياته اليومية عند التعامل مع الآخرين، فبدلًا من الإصطدام بالواقع وعدم قدرته على التصرف بالشكل الصحيح مما قد يؤثر عليه بشكل سلبي، عليك بتهيئة الطفل ليكون مستعدًا لمواجهة أي موقف تنمري من خلال:
- تعليمه أن يتجاهل المتنمر ولا يُظهر الخوف أو الانزعاج، أو أنه أثر به.
- تدريبه على الرد بحزم دون اللجوء إلى العنف.
- تشجيعه على اللجوء إلى المعلمين أو المسؤولين في المدرسة عند تعرضه لأي موقف سلبي من زملائه.
التعاون مع المدرسة
للحد من تأثر طفلك من ظاهرة التنمر المدرسي للاطفال عليك بالتعاون وإبقاء صلة قوية مع المدرسة، المدرسة شريك أساسي في حماية الطفل من التنمر، لذلك يجب:
- متابعة سياسة المدرسة في التعامل مع حالات التنمر والمساهمة في تطويرها إن لزم الأمر، أو لم تجدها كافية لحماية الأطفال.
- إبلاغ المعلمين والمختصين الاجتماعيين في حال لاحظت أي علامة على تعرض طفلك للتنمر.
- تشجيع المدرسة على تنظيم ورش عمل توعوية للطلاب حول التنمر وأضراره.
تنمية مهارات الدفاع عن النفس لطفلك
الإشتراك للطفل وتعليمه رياضات تهتم بالدفاع عن النفس مثل الكاراتيه أو التايكوندو تلعب بشكل كبير في الجانب النفسي للطفل وتعزيز ثقته بنفسه قبل الجانب الجسدي، وتمكينه من الدفاع عن نفسه عند الحاجة، مما يجعله أقل عرضة للتنمر.
أخيرًا وليس آخرًا يمكننا إختصار الأمر وتأكيد أهمية دور الأهل على قدرة الطفل على مواجهة التنمر المدرسي في مجموعة نقاط..
نصائح للأهل لمواجهة التنمر المدرسي
يمكننا تجهيز أطفالنا للتعامل معه بذكاء وقوة مع مختلف المواقف السلبية التي تواجههم وحدهم، إليك الآن بعضًا من أهم النصائح الذهبية لمساعدتك على حماية طفلك من التنمر المدرسي للاطفال ودعمه ليكون واثقًا وقويًا في مواجهة أي تحدٍ.
- كن صديقًا لطفلك قبل أن تكون والده.
- علّمه كيفية الرد على المتنمرين.
- راقب سلوك طفلك وتصرفاته.
- لا تتسرع في مواجهة الطفل المتنمر بنفسك، بل تواصل مع المدرسة بحكمة واطلب منهم اتخاذ إجراءات لحماية طفلك دون تعريضه لمزيد من الأذى.
- كن قدوة لطفلك في التعامل مع الآخرين.
- شجّعه على تكوين صداقات إيجابية.
ختامًا، إن آثار ظاهرة التنمر هي آثار طويلة الأمد، قد يستمر تأثيرها لسنوات طويلة، حيث يمكن أن يسبب مشكلات نفسية دائمة كالاكتئاب أو اضطرابات الثقة بالنفس أو القلق الاجتماعي، وبالتالي قد يؤثر سلبًا على علاقات الطفل في المستقبل.
يمكن السيطرة على الأمر ومنع التمادي فيه، وذلك يتوقف على أهمية وجود دور فعال لدى المدرسة والوالدين في دعم الطلاب المُعرضين للتنمر، وتعليمهم كيفية التعامل مع التنمر والإبلاغ عنه في حالة أن كان شاهدًا علي واقعة تنمر أو تعرض له بنفسه، وعدم الخوف أو الحرج من التعبير عن مشاعره، إضافة إلى تعزيز بيئة مدرسية آمنة وداعمة.