أطفالنا هم الأكثر ضعفًا وعُرضةً للتنمر والإهانة اللفظية، والتي تؤثر على صحتهم وسلامتهم النفسية والاجتماعية مما قد يُحدث فارق كبير في حياتهم وعلاقاتهم بمختلف أعمارها وأشكالها، في هذا المقال نوضح لك كل ما تحتاج معرفته عن التنمر اللفظي عند الاطفال بكامل مظاهره، وأسباب استخدام الأطفال للتنمر اللفظي ومدى تأثيره السلبي على الضحايا منهم، بجانب كيفية التعامل السليم وأهمية توعية طفلك لتجنب أي نوع من أنواع التنمر لمواجهة هذه المواقف بكل ثقة وفعالية.
ما هو التنمر اللفظي عند الاطفال؟
يمكننا تعريف التنمر اللفظي عند الاطفال أنه أحد أكثر أنواع التنمر شيوعًا بين الأطفال، فيتم فيه إستخدام شتائم أو كلمات كنوع من الإهانة اللفظية مما قد تُسبب مضايقات وتأثير نفسي على الغير. فمن خلال التلفظ بكلمات وعبارات مُسيئة يبدأون من خلالها التقليل من قيمة وشأن الأطفال الآخرين.
وللأسف، لا يُعد التنمر اللفظي من أنواع التنمر الظاهرة والواضحة التي قد يسهل على البالغين ملاحظتها، بل وقد يحدث خلط بينه وبين المداعبات البسيطة بين الأطفال وبعضهم، فيظن البعض انها كلمات مقبولة بين الطرفين ناتجة عن أسلوب الدعابة والمرح، في حين أنه يجب أن يؤخذ هذا التصرف على محمل الجد ووضع حد له قبل التمادي فيه ويصبح له تأثيرات سلبية على الحالة النفسية للطفل.
مظاهر التنمر اللفظي عند الاطفال
بعد توضيح التنمر اللفظي، فنحتاج جميعنا الآن أمثلة على التنمر اللفظي عند الاطفال لمحاولة معرفته فور حدوثه أمامنا أو تعرض أطفالنا له؛ فالتنمر أو الإيذاء اللفظي للأطفال يعتمد على استخدام الكلمات والألفاظ الجارحة للإساءة لهم، ويمكن تضمينه في عدة مظاهر منها:
- السخرية والاستهزاء من خلال توجيه كلمات تُقلل من شأن الطفل أو تسخر من مظهره و قدراته.
- الإهانة والشتم فيتم استخدام ألفاظ مُهينة و جارحة لإذلال الطفل وإحراجه.
- إطلاق الألقاب السيئة وهي الأكثر شيوعًا حيث يتم مُناداة الطفل بأسماء مُسيئة أو غير لائقة بهدف التقليل منه.
- نشر الشائعات والأكاذيب أو معلومات مُضللة حول الطفل للإضرار بسمعته.
- التنمر عبر التهديد ففي بعض الأحيان يتم توجيه تهديدات لإثارة الخوف في نفس الطفل أو لإجباره على فعل شيء خارج رغبته.
فتختلف المظاهر و أشكال التنمر ولكن تأثيرها واحد، فجميعها تترك آثارًا نفسية عميقة، حيث يضعف ثقة الطفل بنفسه وقدرته على التفاعل مع الآخرين.
ما أسباب التنمر اللفظي عند الأطفال؟
نتساءل كثيرًا ما ممكن أن يكون سبب التنمر اللفظي عند الاطفال؟ أو ما هو التنمر عند الاطفال بشكل عام و لماذا يلجأ الأطفال للتنمر على بعضهم البعض رغم سنهم الصغير؟ جميعها تساؤلات منطقية ويمكن اعتبارها الخطوة الأولي بالفعل لفهم التنمر والبدء في الحد منه وعلاجه قدر الإمكان للحفاظ على أطفالنا من أي سلوك أو بيئة مؤذية.
تتعدد الأسباب التي قد تجعل أحدهم يلجأ للتنمر كوسيلة له ويبدأ في استخدامه على الآخرين وتعريضهم له فيمكن القول أن أغلب الأطفال الذين يمارسون فعل التنمر قد تم ممارسته عليهم من قبل، أو لمحاولتهم بالاحساس بالقوة والقدرة والثقة العالية أو لتجنب تعرضهم للتنمر.
في بعض الأحيان ينتج الأمر من الأسرة والبيئة التي تربوا بها، فشعور الاطفال بالتجاهل من الأهل والإهمال، قد تجعلهم يلجأون إلى أفعال تجذب الإنتباه نتيجة للغيرة أو العلاقة السيئة مع الوالدين سواءًا أكانت أفعال جيدة أو سيئة؛ ففي حالة تضييق الخناق علي الطفل أو إهمال تعزيز ثقته بنفسه فيسعي بنفسه لمحاولة الحصول على الثقة والسيطرة والقوة بنفسه.
كونهم أطفالًا، قد يكون استخدامهم للتنمر ناتج لشعورهم بأنه نوع من أنواع المرح والدعابة أو وسيلة لتحقيق رغباتهم فقط، وذلك لإفتقارهم للوعي اللازم بالأثر السيء للتنمر وخطورته على الضحية.
ما هو تأثير التنمر اللفظي على الاطفال؟
التنمر اللفظي على الأطفال له تأثيرات نفسية واجتماعية سلبية وعميقة، وقد يترك آثارًا طويلة الأمد، بالإضافة إلى أن الاختلافات الشخصية بين كل طفل والآخر وشدة الفعل المسيء ومدته على قوة الآثار التي يتركها عليه، ومن أهم هذه الآثار:
- انخفاض الثقة بالنفس: حيث يؤدي إلي شعور الطفل بالدونية ويُضعف ثقته بنفسه، إذ قد يبدأ في تصديق الكلمات السلبية الموجهة إليه.
- القلق والتوتر الزائد: فالأطفال الذين يتعرضون للتنمر اللفظي يكونون أكثر عرضة للمعاناة من القلق الدائم والحزن والاكتئاب، وقد يشعرون بالوحدة والعزلة.
- الانسحاب الاجتماعي: يميل الأطفال الذين تعرضوا للتنمر اللفظي إلى الانعزال عن الآخرين، وبالتالي يصبحون أقل رغبة في المشاركة الاجتماعية خوفًا من التعرض للإهانة.
- التأثير على التحصيل الدراسي: التوتر والضغط النفسي الناتج عن التنمر يؤثران على قدرة الطفل على التركيز والتعلم، مما قد يؤدي إلى تراجع أدائه الدراسي والأكاديمي.
- تأثيرات طويلة الأمد على الصحة النفسية: يمكن أن يؤدي التنمر اللفظي إلى آثار نفسية دائمة، مثل ضعف التقدير الذاتي وصعوبة تكوين علاقات صحية في المستقبل.
كيفية توعية طفلك لتجنب التنمر اللفظي؟
في هذه الحالات الحساسة والحرجة دائمًا ما نبحث عن كيف نتعامل مع التنمر اللفظي، ونحاول قدر الإمكان لتوعية أطفالنا لتجنب التعرض له أو لأي نوع من أنواع الإهانة والإيذاء اللفظي، فمن خلال الخطوات القادمة يمكننا ببساطة العمل على تعزيز ثقته بنفسه وتعليمه كيفية التعامل مع المواقف الصعبة التي قد تواجهها دون ترك أثر سلبي طويل الأمد عليه:
- علم طفلك على احترام الذات وتقديرها، وأنه ذو قيمة بغض النظر عن كلام الآخرين، وذكره بشكل مستمر بمميزاته ونجاحاته. هذا سيزيد من ثقته بنفسه ويجعله أقل تأثرًا بالتنمر اللفظي.
- ساعد طفلك على التدرب على ردود بسيطة وهادئة للتعامل مع المتنمرين، مثل “لا أوافق على ذلك” أو تجاهل التعليقات السلبية. هذه الردود تعكس ثباته وتعزز من ثقته أمام المتنمر وتقلل من تأثير كلمات المتنمر عليه.
- ابحث عن قصص قصيرة للاطفال عن التنمر تُناسب عُمر طفلك وتكون مُلهمة له وتعرض له مواقف من الحياة اليومية، مثل أن تكون عن طفل تعرض للتنمر ووجد دعمًا من أصدقائه أو تعلم مهارة ساعدته على تخطي الموقف، والقيام بمناقشة ما تعلمه منها واستخلاص العبرة منها.
- ساعده على تعزيز مهاراته الاجتماعية وكيفية تكوين صداقات إيجابية تدعمه، فالطفل الذي يشعر بالدعم ممن حوله يكون أقل عرضة للتأثر بالتنمر وأكثر ثقةً بنفسه.
- شجعه على إخبار مُعلميه أو الوالدين إذا تعرض للتنمر، وطمئنه بأن هذا ليس ضعفًا، بل طريقة لحماية نفسه من المواقف السلبية وتجنب التمادي أكثر فيها.
- علم طفلك و مرنه علي أن يعبر عن مشاعره بأسلوب صحي، والتأكد من وعيه بأن مشاعره مهمة، فإذا شعر بالأذى من كلمات الآخرين، يمكنه التحدث عن ذلك بدلاً من كتمان مشاعره.
بالمختصر، كن دائمًا متاحًا للاستماع لطفلك وكن قدوة له في كيفية التعامل مع الأشخاص بأسلوب محترم وثابت، فالأمر يبدأ من الأسرة وينتهي عندها.